كتبت مجلة الاقتصاد اليوم الصادرة عن غرفة وتجارة ابوظبي اللقا التالي:

حسن الأحبابي.. استهوته الصناعة فأبدع بها

 لم يعتبر حسن الأحبابي أن تقاعده من القوات المسلحة التي خدم فيها ضابطا لمدة 25 عاما نهاية المطاف لحياته العملية ،بل بداية لانطلاقة جديدة ولحياة عملية أخرى مختلفة كليا عن السابقة ، لكنها تشترك معها في الهدف وهو خدمة الوطن ، لم يفعل الأحبابي مثل بقية أقرانه من أبناء جيله ممن تقاعدوا من السلك الحكومي ، واعتبروا أن التقاعد يعني القعود عن العمل والكف عنه والاسترخاء والترفيه والسفر ، اختار الأحبابي أن يسلك درب التجارة بعد التقاعد لكنه لم يوفق بها وتعرض للنصب والاحتيال في أفريقيا ،فشله في التجارة لم يحبطه بل حفزه للنجاح في ميدان آخر من ميادين العمل، فاختار الصناعة التي استهوته فاقتنا معمل لإنتاج العوازل الحرارية لكن لم يكتفي بذلك بل صنع الآلات التي تنتج العوازل وباع بعضها للسوق المحلي وصدر بعضها للخارج، وصنع آلات أخرى لمنتجات متعددة ومختلفة

 

حكاية حسن الأحبابي في عالم التجارة والصناعة في الحوار التالي :

*ماذا فعلت بعد التقاعد من القوات المسلحة؟

بعد أن تقاعدت من القوات المسلحة في عام 1993 فكرت في الأعمال التجارية ،فسافرت إلى أفريقيا واشتريت أربع حاويات ،وبعد ممارسه التجارة في تنزانيا وبعض مدنها ،تعرضت إلى عمليات احتيال ونصب ونجوت منها بصعوبة، ثم غادرت إلى كينيا و بوروندي و رواندا وفيها أتضح لي أن التجارة معهم صعبه لانعدام الثقة والأمانة وفقدان عامل الأمن، وكل ذلك كان خلال 6 أشهر،كنت أسافر خلالها وأعود إلى الوطن. وعندما شعرت أن الوضع غير مناسب وغير مطمأن قمت بتصفية تجارتي في أفريقيا وعدت إلى الوطن ،وأغلقت نهائيا باب التجارة مع أفريقيا.

*بعد التجربة المريرة في عالم التجارة أي درب سلكت؟

فكرت في الصناعة فسافرت إلى الصين وتايوان و تايلاند والهند وتركيا وألمانيا وهولندا وبريطانيا..وبعض الدول العربية لحضور المعارض الصناعية..وكان القصد من هذه الرحلات شراء معدات صناعية واكتساب الخبرة والاطلاع على جديد عالم الصناعة.حيث كان الهدف من هذة الزيارات شراء بعض الآلات وبعد أن شاهدت أعداد كبيرة من المصانع والآلات و المعدات واطلعت على مكوناتها ومواصفاته ،تغير هدفي من شراء الآلات إلى تصنيعها محليا. فأجريت دراسة حول صناعة آلات ومعدات إنتاج ألواح العزل الحراري ومشتقاتها .وفي ضوء الدراسة قررت تصنيع آلات إنتاج العوازل الحرارية .فذهبت إلى المؤسسة العامة للصناعة لطلب رخصه صناعية ،فطلبوا مني دراسة جدوى للمصنع، فذهبت إلى أحد المكاتب ليعمل لي دراسة جدوى فطلب مني 50,000 درهم لقاء ذلك فقمت بإعداد دراسة جدوى بنفسي، ثم حصلت على الأرض من بلديه أبوظبي ، وبعد اكتمال المباني ،بدأت بتصنيع الآلات الواحدة تلو الأخرى ..وأنا في خوف شديد من الفشل وكنت أراقب العمل في بعض الأوقات إلى الساعة الثانية عشر ليلا .وأنا اشرف على تنفيذ تصميمي وللأسف اكتشفت أنني لم أوفق باختيار عمال لديهم الخبرة الكافية في هذا المجال ..مما أجبرني بعد التصميم أن اشرف عليهم 24 ساعة متواصلة لضمان دقة وجودة تنفيذ التصميم.

*ماذا حدث بعد ذلك؟

وبدأنا بتصنيع أول آله والثانية والثالثة.. وكلما و كلما أنجزنا واحدة نقوم بفحصها وتجربتها للتأكد من دقة عملها وجودة إنتاجها إلى أن وصل عدد الآلات المصنعة 13 آلة مختلفة تتعلق بمختلف مراحل تصنيع المنتج (العوازل الحرارية) .

* لنكن دقيقين هذه الآلات قمت بتجميعها أم تصنيعها ؟

هذه الآلات ليست مخترعة ، نحن قمنا بتعديل التصميم الأساسي ، ولم ننسخ عن أحد ، نحن لنا مقياس خاص ، و الآلات موجودة في العالم ،لكن نحن لنا مقاييس خاصة أو مختلفة لا تتطابق مع أي مقياس من مقاييسهم ،كالسعة من ناحية ،ومن حيث الأحجام ، وكمية الإنتاج بعض الشركات تصنع مكنه تنتج 300 كيلو في الساعة . واستطعنا نحن أن نصنع 500 كيلو في الساعة بسبب الدراسة الدقيقة قبل التنفيذ , وبإمكان الآلات التي قمنا بتصنيعها إنتاج 172 م3 في 8 ساعات و لدينا القدرة على إنتاج الضغوط من 12 إلى 40 كيلو جرام .

*ماذا عن المواد الأولية اللازمة لتصنيع الآلات؟

معظم المواد الأولية موجودة في الدولة وفي إمارة أبوظبي تحديدا..و اغلب احتياجات التصنيع متوفرة في أبوظبي .وغير المتوفر نستورده بكميات قليلة من الخارج, والفت النظر هنا إلى أن التصميم المعدل محليا راعى إمكانية توفر المواد الأولية واحتياجات التصنيع وقطع الغيار في السوق المحلي ,بحيث لا تتجاوز مدة التوقف عن العمل والإنتاج الـ12 ساعة في حالة حدوث الأعطال الطارئة . وتنتج الآلات المصنعة محليا عوازل للمباني ,و عوازل ثلاجات التبريد وغرف التبريد والمستودعات وحظائر تربيه الحيوانات ..الخ .

* ماذا عن تكلفة تصنيع الآلات والمعدات محليا ؟

تكلفة تصنيع الآلات مثلما قلت لك عنها سابقاً لا تزيد عن 30% أو 40% من تكلفة استيرادها من الخارج ، السفر والمخاطبة والمطالبة من خارج الدولة مزعجة جداً ، فنحن عندما يشتري من أحد الصناعيين سواء داخل الدولة أو خارجها إحدى الآلات المصنعة عندنا نعطيه فكرة كاملة عن الآلة من الألف إلى الياء هذا من حقه بعكس ما يحدث معنا عندما نستورد من الخارج فأنا أذكر أني سألت جماعة من تايوان فلم يجيبوني عن المادة الأولية التي تنتجها آلاتهم.

*هل صنعت آلات أخرى غير الخاصة بإنتاج العوازل الحرارية؟

طبعا لم اكتفي بتصنيع الآلات الخاصة بإنتاج العوازل الحرارية (عوازل البوليسترين ) فصنعت الآلات المنتجة لعوازل "البوليورثين" وهي نوع آخر مختلف عن عوازل البوليسترين وصنعت الآلات الخاصة بإنتاج الإسفنج الصناعي وبمختلف أنواعه العادي والطبي والمضغوط ،وهناك آلات خاصة بإنتاج الثلج وهي قيد التصميم وبإمكانها بعد إنجازها إنتاج ألف قالب ثلج في اليوم ،وهناك الآلات أخرى قيد التصميم لتصنيع الحجر التشكيلي.

* الآلات التي تصنعها مخصصة لمصنع أم الزمول الذي تمتلكه أم بعت منها شيء؟

طبعا بعت بعضها للسوق المحلي وبعت عددا منها إلى العراق والصومال والسعودية والأردن وكرواتيا ونتفاوض مع جهات داخل الدولة وخارجها لبيع عدد آخر من الآلات. و أتذكر هنا حادثة طريفة بيني وبين أحد الاخوة من قطر اشترى مني إحدى الآلات عندما كان معي في إحدى زياراتنا للصين في شنغهاي وعندما تفحصنا مجموعة من الآلات قلت أنا لا أستورد هذه الآلات من الصين بل أنا أقوم بصنعها بنفسي ، فقال لي : لو أنت قمت بصناعتها سأقوم بحلق شاربي ، فقلت له وحواجبك أيضاً ، ثم قمت بجمع المعلومات من شنغهاي ورجعت للبلد وصنعتها واتصلت به وقلت له عندي الآلات للبولسترين رخيصة جداً، فبعتها له بالتكلفة وأخذها للأردن أو سوريا لا أعلم واشتغلت الآلة وبعد فترة سألته هل الآلة تعمل جيداً فقال لي: 100 % ، فقلت له : هل يمكنك أن تحلق حواجبك الآن ، فضحك وقال لي لماذا تقول لي هذا الكلام ، فقلت له هذا كان اتفاقنا في الصين .

* ما المراجع التي تستند إليها عندما تعدل إحدى الآلات أو تضع تصميم جديد ؟

الوسيلة الأكبر هي الإنترنت ، فمن خلال الإنترنت تابعت مراحل الصناعة ، إضافة إلى المعارض وزيارتي لها في الغرب والشرق ، ازور معارض في ألمانيا و الصين ، واحرص على زيارة المعارض المتخصصة بالآلات والمعدات . ندخل للإنترنت ولكن لا نأخذ كما هو موجود ولا ننسخ نسخ فمن الممكن تكون لديهم مادة غير الموجودة لدينا بل لدينا مادة أخرى ولكن الفكرة العامة من الإنترنت ومن المعارض ومن الزيارات للمصانع فيستفاد الكثير من ذلك .

* هل استعنت بمهندسين وخبراء ؟

أبداً ، لم أستعن بأحد وهذا سأعتبره خطأ لو فشلت ، فأنا أقوم بجلب الصناعة وتحضير التصميم والمقاسات وأسلمها لشخص معين وهذا ليس بالأمر السهل وأنا الذي أقوم بتدريب الكادر العامل لدي ، فلو فشلت كان من الممكن أن أندم لأنني لم استعن بمختصين وأكاديميين ومهندسين، لكن الحمد لله نسبة الأخطاء في عملي لا تتعدى 10% واعمل على تلافيها.

* هل تلقيت دعم وتشجيع من الجهات المعنية بالصناعة ؟

أنا لم أعلن للآن عما لدي من صناعة أنتم أول من يعرف ، لأني أجلت الإعلان لسبب واحد حتى أنجز شيء يستحق الإعلان عنه.

*ما هي أبرز العوائق والمطبات التي واجهتك ؟

هناك أمور بسيطة صادفتني ، مثلا أطلب مواد بسيطة لا تساوي شيء من أمريكا من شركة أمريكية ، طلبتها إحدى المرات وحولت لهم قيمة الطلبية مباشرة ،وكنت محتاج لتلك المواد لاستكمال تصنيع عدد من الآلات التي تعاقدت على بيعها ، ولكنهم أرسلوا لي المادة بعد أربع أشهر وكان الاتفاق أن تأتيني بالـ DHL خلال أسبوع ، وبعد أن أرسلوها فتحت المادة ووجدت أنها صناعة تايوانية ، فهذا الشيء عرقل عملي أخر تسليم الطلبية لصاحبها ، ولكن الآن لدي عناوين لأكثر من شركة لأي منتج أحتاجه ، فعلى سبيل المثال عندما أحتاج لأي قطعة معينة لا أعتمد على شركة أمريكية أو إيطالية بل اتصل بالشركات المنتجة وأسألهم هل لكم في الإمارات وكيل فإن وجد الوكيل أقابله واشتري المادة، وإذا لم يوجد وكيل استورد من السعودية أو عمان فهي أقرب.

- تصنيع بعض الآلات محليا يوفر 60% من تكلفة استيرادها من الخارج - تعرضت في أفريقيا للنصب والاحتيال فهجرت التجارة إلى الصناعة - صدرنا بعض الآلات والمعدات المصنعة لدينا إلى السعودية والعراق والأردن والصومال - اعتمدت على الإنترنت وحضور المعارض الخارجية المتخصصة ولم استعن بمهندسين

أبوظبي- الاقتصاد اليوم للمزيد    BACK TO MAIN